الواقع الجديد

منذ ٢٠٢٠، نعيش واقعا لم يسبق له مثيل حيث أن جائحة كوفيد -19 عرقلت بشدة أسلوب حياتنا وأعمالنا كما أعادت تشكيل العالم اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا في ظل جميع التحديات المفروضة على الحكومات والمؤسسات والأفراد. قد لا يزال الكثير منا يواجه تبعات كوفيد - 19 ولا نزال نتعرف على طرق التعامل مع آثاره.

بهذه التدوينة، أود مشاركتكم تجربتنا بالشركة خلال هذه الأوقات، وكيف أبحرنا بسلاسة في حالة عدم اليقين.

ما بعد كوفيد -19:

لا يمكننا التنبؤ بمستقبل العمل بعد كوفيد – 19 حيث أنه ما زال يسكن عالمنا، ومع ذلك، يبدو أن بعض ملامح الواقع الجديد تتشكل بوضوح. فعلى سبيل المثال، أعتقد أنه ستكون هناك حاجة كبيرة إلى إعادة المهارات والارتقاء بها لأن سبل العمل قد تغيرت تغيرا هائلا خلال هذه الأوقات وسيحتاج العديد من العاملين إلى مواكبة هذه التغيرات للتكيف مع واقع العمل الجديد أيضا، فوجدنا أن الجائحة قد عجّلت التحول الرقمي في كل مكان، فحين دخل العالم في إغلاقات، اعتمدنا على العمل عن بعد لضمان إمكانية وصول فرقنا إلى المنصات والبيانات من منازلهم والذي أعتقد أنه ظهر، فحتى إن عدنا إلى مكاتبنا بشكل كامل ستبقى هذه الأدوات الرقمية مهمة في إدارة العديد من اجتماعاتنا.

قبل كوفيد - 19، ركزت الشركات بشكل أساسي على الكفاءة واستثمرت بكثافة في زيادة الإنتاجية وتدفق العمل ولكن أزمة كورونا العالمية علمتنا أهمية الاهتمام بفرق العمل والعملاء بنفس الوقت من خلال تأسيس بيئة عمل مرنة لمساعدة الموظفين على تكييف الاستراتيجيات مع التغيرات المفاجئة، وتوقع التحديات وتحديد الفرص، والتعاون عبر الطرق الجديدة.

القيادة في ظل اللايقين:

عندما واجهنا جميعا صعوبات وتعقيدات خلال المرحلة الأولى من الجائحة، تعلمنا كيفية التعامل مع التغيرات المستمرة واتخاذ القرارات في الأوقات الضبابية. ولذلك، من الأهمية تطبيق الدروس المستفادة من هذه التجربة للتغلب على تحديات المستقبل وإيجاد حلول مزدهرة للواقع الجديد.

لمواجهة التحديات الناتجة عن كورونا، يتعين على القادة استغلال الأزمة للبحث عن سبل تجديد عن طريق صناعة الفرص واغتنامها. وسأطلعكم على بعض النقاط المهمة التي ساعدتنا على اجتياز هذه الأوقات العصيبة:

  • قيمة المرونة التنظيمية:
    مع التغييرات السريعة، تزداد أهمية تجسيد المرونة بالمؤسسات فمن خلالها نستطيع تحقيق الازدهار في مثل هذه الأوقات عبر صناعة تجارب تتمحور حول الإنسان لتحقيق المشاركة وتحفيز وتمكين الفرق. بالإضافة إلى ذلك، عززنا ثقافة الشفافية عبر مساحة آمنة لتقديم وتلقي الملاحظات من موظفينا وعملائنا. منحنا ذلك ميزة فهم التجارب التي يمر بها فريقنا ويواجهه عملاؤنا من خلال تزويدنا بنتائج فورية.
  • استكشاف واستغلال الفرص:
    في معظم محطات الأعمال نواجه خياران فإما أن نستغل الفرص ونبني عليها أو نستكشف حلولا وإمكانيات جديدة. أعتقد أنه خلال هذه الأوقات، وضعنا تركيزنا على استكشاف اتجاهات جديدة وأسواق جديدة ومحورية مع الاهتمام بأعمالنا الأساسية. قد تختلف هذه المعادلة بحسب الظروف وأوضاع العمل.
  • التواصل:
    أهم ما يمنحه القائد لفريقه هو التواصل الواضح والمتواصل أثناء الأزمات فمشاركة النقاط المهمة وإلقاء الضوء عليها يجعل الموظفين يشعرون بالأمان والتقدير. كما أن الشفافية ضرورية لبناء الولاء والثقة بين القائد والموظفين.
واقعنا الجديد:

تدريجيًا، ستخفف البلدان عمليات الإغلاق مع بدء حملات التطعيم في كل مكان وسيبدأ الناس في العودة إلى الروتين القديم وأنماط حياتهم مع تدابير السلامة لارتداء الكمامات، والتباعد الجسدي وتجنب الحشود حيث يبدو أن ذلك سيبقى معنا لفترة أطول قليلاً حتى نصل إلى المناعة المجتمعية.

تُطرح العديد من الأسئلة كل يوم ونتساءل كيف ستكون حياتنا بعد كوفيد - 19ويبدو أنه من المستحيل الحصول على إجابات ثابتة. ومع ذلك، فإن الدروس الصعبة المستفادة من الجائحة العالمية قد أثارت العديد من التطورات الرئيسية في حياتنا الشخصية والمهنية، فقد أخرت العديد من خططنا وأهدافنا ولكنها أثبتت لنا أيضًا أن العمل معًا نحو مهمة مشتركة ليس ضربا من الخيال.

بدأنا نرى الضوء في نهاية النفق، على الرغم من أن الحياة الطبيعية قد تأخذ وقتها للعودة، وربما قد يستمر عالم الأعمال في التذبذب لفترة طويلة إلا أن القادة المتفائلون سيستمرون بالاستفادة من كل اللحظات والدروس التي ظهرت لنا في الأشهر الماضية لإعادة تصور المستقبل.